الأربعاء، 28 ديسمبر 2011

قصة: أجمل اعتذار

أظن أن الحكاية الآتية لا بأس بها للقراءة.. كتبتها قبل سنوات ربما 4 أو5 أو يزيد.. لا أذكر! 

( أجمل اعتذار..)
في قرية بعيدة خضراء، كان يقع بستانٌ زاخرٌ بشتى أنواع الثمر، ويحوي منها كل ما يسر النظر، وكان محاطاً بسور منيف تبرز منه قمم الأشجار النضرة، كان هذا البستان ملكاً لرجل رزقه الله الخيرَ الوفير والخلقَ النبيل، فأحبه أهل تلك القرية الطيبة وقدروه وأجلوه؛ لعطفه عليهم وحبه لهم..
وكان هذا الرجل الطيب قد أوكَل العناية ببستانه الكبير لشاب في مقتبل العمر يدعى عامر، الذي كان محبًا للأشجار بارعًا في العناية بها، كما كان الرجل الطيب يثق بشدة في أمانة عامر وإخلاصه..
كان عامر يستيقظ كل صباح بنشاط وهمة عالية، ويطوف بين أشجار البستان ليحي كل واحدة منها؛ فقد كانت بمثابة الصديق والرفيق له، لم تفترْ همةُ عامر لحظةً واحدة، فمع ولعه الشديد بالبستان كان أيضاً يحب صاحبه الذي كان دومًا يعامله كابنه، والذي منحه المسكن والمأكل والمشرب بل وحتى العطف والأمان ؛ لذلك أزمع عامر في نفسه على رعاية هذا البستان وجعله جنة خضراء تسر الناضرين..
كان عامر يقطن في كوخٍ صغيرٍ ومريحٍ قربَ البستان، وحدث ذات ليلةٍ أن كان نائمًا في سريره الوثير عندما أحس بحركةٍ مريبةٍ في البستان استيقظ على إثرها، وعندما أرهف السمع تبينت له أصوات غريبة تنبعث من مكان قريب، فحمل عصاه الغليظة على عجل وخرج مسرعًا ليتبين الأمر، أشعل عامر السراج الذي كان  معلقًا أمام الكوخ؛ ليبدد شيئًا من الظلمة المحيطة به، ودقق النظر في ما حوله محاولاً اختراق العتمة ببصره، مركزًا في الركن الذي ظن أنّ الأصوات تنبعث منه، ولم يكذب خبراً فقد ميز شبحين وقفا قرب الأشجار وجعلا يجنيان منها ثمارها الطيبة، فاستبد به الغضب وصرخ فيهما متوعدًا ومهددًا وهو يحرك عصاه في الهواء حتى أنها اصطدمت بالقنديل المعلق على جانب الكوخ فأخذ يتأرجح من خلف عامر الذي انطلق خلف الشبحين محاولاً اللحاق بها، لكن عامر لم يستطع إدراكهما لفارق المسافة ولسرعتهما في العدو، فقذف ببعض الحجارة نحوهما وهما يتسلقان إحدى الأشجار ويثبان منها نحو السور ثم يثبان منه مرة أخرى نحو الأرض، ميز عامر أصوات عدوهما في الجهة الأخرى، فعاد أدراجه نحو الكوخ مدركًا استحالة اللحاق بهما، وحانقًا من نفسه لعدم قدرته على التعرف عليهما وإن كان موقنًا أنه لن يهدأ له بال حتى يلقي القبض عليهما..
وعندما غدا قريبًا من الكوخ شمّ رائحة دخانٍ في الهواء ، فجرى ملتاعًا نحوه لتصطدم عيناه بالنار التي أتت عليه وبدأت تلتهم شجيرات البستان!
تسمر عامر لحظاتٍ في مكانهِ غيرَ قادرٍ على التصرفِ أو حتى التفكير،كيف يطفئ هذا الحريق الذي أتى على أجمل أحلامه؟ بمن يستغيث في قرية سجى عليها الليل وغفت أعين سكانها؟!
تنبه عامر أخيراً.. جرى بأقصى سرعته حتى بلغ بوابة البستان ومنها إلى أقرب بئر في محاولة لجلب بعض الماء، لكن النار كانت أسرع منه وتصاعد لهيبها من خلف الأسوار، وتآزرت الريح معها لتعجل من حصادها!
انتاب عامر الخوف والعجز وهو يرى الأمانة التي عهد بها الرجل الطيب إليه تحترق أمام عينيه حتى أنه لم يستطع الصراخ طلباً للعون، وتملكه الجزع وأخذت الوساوس تدور في رأسه؛ فخشي أن يُتهم بإحراق البستان، فأطلق ساقيه للرياح وأخذ يجري مبتعداً وقلبه يخفق بقوة، والخوف يبدو جلياً في عينيه ..والبستان ينهار من خلفه!!
مرت أيام صعبة على عامر وهو يجول من مكان إلى آخر لا يلوي على شيء،كان يحس بوخز الضمير والندم على هروبه وفراره من تحمل المسؤولية، كما أنه خجل من العودة بعد انقضاء تلك المدة، ولم يجد في نفسه عذراً يحفظ به ماء وجه أمام الرجل الطيب.
سار عامر حتى وصل قرية أخرى وقد بلغ منه الإعياء مبلغه، فاستطعم أهل تلك القرية فأطعموه وأكرموه عندما علموا بأنه غريب عن تلك الدار، وعندما هدأ بال عامر واطمئن على أمره عزم أن يجد له عملاً مهما كان بسيطاً ليتكسب منه، وسرعان ما تعرف على نجار عجوز علمه الحرفة فبرع عامر فيها، وجعل يعمل بجد وإخلاص كدأبه، ويجمع ما يحصل عليه من مال  ولا ينفق منه إلا أقل القليل، ومرّ عام كامل على عامر في تلك القرية دون أن تمضي عليه ساعة إلا وبستان الرجل الطيب لا يفارق ذهنه لا هو ولا صديقاته الأشجار، وكان كلما مرّ على بستان مزهر شعر بالغيرة والحسرة.
عمل عامر بهمة لا تفتر جعلت من الندم والألم وقوداً لها، فقد كان موقناً أنه لا بدّ أن يأتي يوم يعود فيه لقريته الحبيبة معترفاً بخطئه، وعندما صار لديه المال الوفير اشترى بستانًا لا يكاد يمثل نصف بستانه القديم، ومع ذلك عمل فيه ليلَ نهار لمدة عامٍ آخر ليجعله جنة أخرى تغرد فيها العصافير وتتنفس عبق الزهور منها، زرع أشجارًا من كل الأصناف فكبرت مع عزمه وحبه العظيم، وأصلح كل ما تلف فيه فغدا نابضاً بالحياة والأمل مثل قلبه الكبير.. كان سعيدًا بها وكانت محط أنظار أهل القرية الذين أخذوا يتساءلون عن سر نضارتها وبهجتها؟!
وحينما بلغ عامر هذا المبلغ أدرك أن عليه أن يعود، فشد رحاله وقفل راجعًا إلى القرية التي ظل فؤاده معلقًا بها طوال تلك الأيام الثقيلة، وعندما وصل لم يتعرف عليه بعض أبنائها ومن تعرف منهم عليه رماه بنظرات العتاب أو الشك أو الازدراء! كتم كل ذلك في نفسه وهو يمنحهم ابتسامته الخجلة مدركًا كم هو عارٌ الهروب من الخطأ الجسيم، اتجه إلى بيت الرجل الطيب وذهل عندما التقت عيناه بمنزل آخر  حل محل منزل الرجل الطيب بل ومحل جزءٍ كبير من بستانه.. خفق قلبه خشية أن يكون مكروه قد أصاب الرجل الطيب في ذلك الحريق، فلما سأل الناس عنه أرشده صبي صغير إلى منزل آخر أصغر حجماً يحيط به بستان صغير شعر عامر بغصة عند رؤيته..
طرق عامر باب المنزل الجديد ونبض قلبه يتضاعف مع كل طرقة، فلما فُتح الباب وأطل الرجل الطيب من خلفه تحاشا عامر النظر في وجهه ولم يعرف ما يقول، إلا أنه فوجئ بالرجل الطيب يهتف بنبرة فرحة: عامر! هذا أنت يا بني.. لماذا غبت عنا هكذا؟ تعال أدخل تسرني رؤيتك مجدداً..
لم يستطع عامر الرد على حفاوة الرجل الطيب وانقاد لذراعه وهي تجذبه إلى الداخل، وعندما استقر بهما الحال حاول عامر لملمة شجاعته والحديث بما جاء به، قبل أن يسمع الرجلَ الطيب يسأله بهدوء: أخبرني عن حالك وأمرك؟
عندها نظر عامر إليه وغرق للحظة في ملامحه السمحة قبل أن يسأله بتردد وخفوت: ألست غاضباً مني على ما فعلت يا شيخ؟
بادره الشيخ سائلاً وهو يعقد حاجبيه: وماذا فعلت؟
بلل عامر شفتيه بارتباك وأجاب بصعوبة:لقد احترق البستان بسببي..جئت معتذراً إليك ..
قال له الشيخ بنبرة تعمدها: معتذراً... بعد عامين؟!
هتف عامر محاولاً الدفاع عن نفسه: لا تعجل علي يا سيدي وأمهلني أخبرك عما حدث..
صمت الشيخ للحظة ثم قال وهو يعتدل في جلسته: تفضل يابني..
شعر عامر بمزيد من الألم أما سماحة الشيخ، فأخذ نفساً عميقاً وقال: تلك الليلة تسلل شخصان إلى البستان يريدان سرقة ثماره، فلما انطلقت خلفهما لم انتبه على أنني أوقعت السراج، احترق الكوخ وامتدت النار للأشجار.. لا أنا استطعت إيقافهما ولا أنا استطعت التصرف بحكمة لتدارك النار وإطفائها، تملكني الخوف وخشيت أن تظن أني تعمدت إحراق البستان، أقسم لك أني لم أقصد ما فعلت!..
صمت عامر لوهلة لكنه استطرد بسرعة كأنما يخشى رفض الشيخ لكلماته: مضيت لا ألوي على شيء ،حتى استقر بي المطاف في قرية قريبة عملت بها في النجارة وأشغالٍ أخرى، فلما ملكت المال اشتريت به بستاناً صغيراً، عملت به عاماً آخر حتى غدا كبستانك سيدي.. وجئت أقدمه إليك.. أنا أدرك أن ثمنه لن يأتي بمثل بستانك، لكن فقط أمهلني عاماً أو عامين وأعدك أني سأبذل جهدي حتى أسدد ما علي.. أرجوك اقبله..
ضحك الشيخ وقال: قبلته منك يا بني ووهبتك إياه..
دهش عامر من ردت فعله، وحملت عيناه تساؤلاً وحيرة، فعاجله الشيخ قائلاً: قل لي يا عامر.. هل رميتَ المتسللين بالحجارة؟
هز عامر رأسه بالإيجاب.. فعاود الشيخ سؤاله والبسمة تلوح على شفتيه: ألم تتعرف عليهما حينها؟
أجابه عامر: كلا..
فقال له  الشيخ مبددًا الحيرة التي كست محياه: لقد كانا ابنا الحطاب، ظن والدهما أن لهما علاقة بحريق البستان عندما رأى أثر الحجارة في وجه أحدهما، ضغط عليهما حتى اعترفا أمام الجميع، لكنهما أنكرا أنهما قاما بإحراق البستان، ولما لم نجد لك أثر ظن البعض أنك من فعلت ذلك، لكني رأيت هذا منافيًا للعقل، تطاردهما ثم تحرق البستان؟! وكيف تحرق شيئا تعلقت به وأحببته بل هو مصدر رزقك! لا يعقل هذا ولا هو من شيمك.. كنت واثقًا بأنك ستعود لتخبرني الحقيقة وهاأنت فعلت..
تمتم عامر بكلمات معتذرة وهو مطرق الرأس، في حين أردف الرجل الطيب: لم يتضرر المنزل كثيراً من جرا الحريق، استطعنا السيطرة على النار بعد فترة طويلة وأنا أدين بذلك لأهل القرية الطيبين، بعت المنزل لتاجر غني جاء إلى القرية في ذلك العام، فاستصلح المنزل والأرض وبنى فيه بيتًا له أظن أنك رأيته...
تعرفتُ على التاجر عندما حضر إلى القرية، وتوطدت صداقتي به وفوجئت به يطلب يد ابنتي لولده فوافقت عليه.. أما أنا فآثرت السكنى في بيت صغير يحيط به بستان نضير كما ترى..
نظر إليه عامر وقال بخفوت: لكن ذلك لا يعوضك ما خسرته..
تبسم الرجل الطيب وأجابه: لم أخسر الكثير يا بني.. صحيح أنني أحببت ذلك البستان ولكن ما أنا فيه الآن قد يكون أفضل..
سأله عامر مجدداً: لكن لماذا؟..
فهم الرجل الطيب ما يرمي إليه عامر فأجابه: اسمع يا بني أخطأ الكثيرون في حقي ولا أبرئ نفسي.. ولكن اعتذارهم لم يتعد الكلمات التي لا تفيد في أغلب الأحيان.. بينما أنت يابني وعلى صغر سنك جئت لتخبرني أنك عملت جهدك لتدفع لي بستاناً مثل بستاني..وتتعهد بمتابعة عملك لتعوضني عنه رغم أنك لم تقصد ما حدث ولا تكاد تملك شيئًا لذاتك.. اعتذارك المقترن بالعمل الطيب هو أجمل اعتذار تلقيته في حياتي..
ومع ذلك أبى عامر إلا أن يبيع بستانه ويشتري آخر بقرب الرجل الطيب ليعمل فيهما من جديد ويحيلهما جنة خضراء كما اعتاد ، فرحب الرجل الطيب بذلك..
وهكذا عرف أهل القرية بحقيقة ما حصل وكبر عامر في نظرهم وظل جميل اعتذاره عالقاً في أذهانهم..
تمت

الأحد، 25 ديسمبر 2011

مشاهد


-         مساؤكم أحلى من الياسمين.. يوم مكلل بالنشاط والتوهج للاستمتاع بطلب العلم، أعجبني اختبار اللغة العربية الذي أجريته اليوم، وفرحت لحصولي على درجة جيدة 93%، اختبارات كهذه تساعد على إثارة شغفي بلغتي..

-         الجراد في التراث العربي، موضوع ممتع للعقيق7!! ذكرني بمحاضرات أحد أساتذتي الأفاضل.. كم كان عبقريا في تلميحاته لنتتبع آثار العلم بمختلف صنوفه.. ونطلع.. ونكون رأيًّا!

-         تبدأ الشهر القادم مع بداية العام الجديد المرحلة الثانية لخطتي السنوية، دعواتكم لكي أحقق الأهداف المرسومة.. المرحلة الأولى كانت جيدة..
-         إن الغريب له حق لغربته * على المقيمين في الأوطان والسكنِ
-          اليوم كنت أشاهد برنامجا على الجزيرة يحكي عن المقاومة العراقية.. آه يا عراق، كم نحنُ إليكِ.. كم أحبكِ يا عراق، حبًّا لا أدري له سببا، ولا أحتاج له.. يا أرض النخيل ويا مهد العلم ويا أرض الحضارات!!

-         إِنِّي سَلِيلُ النَّخِيلِ الشُّمِّ تَعْرِفُنِي * مِنْهَا الجُذُورُ وأَهْوَى سَعْفَهَا التَّرِبَا

-         استغربت من موضوع بأحد المنتديات عنوانه "كيد النساء"، إذ أن العنوان ومحور القصة يوحي بذم للنساء، إلا أن الحقيقة المخفية بين السطور هي: بنباهة المرأة مقابل خيانة الرجل.. فلماذا لم يشار لهذا الجانب بجلاء ووضوح.. أنانية الرجل وخيانته التي تستدعي حذر المرأة وتنبهها، ليس كيدا سيئا، لكنه حكمة الأقدار في تعرية الرجل من الأوهام المثالية المنسوجة حول شخصه في ذهن مجتمع يعاني نقصا في شخصيته!!!

-         رغبة عارمة في مشاهدة المسلسل الكرتوني "صلاح الدين البطل الأسطورة" كم أحببت قصصه ونسيجها اللطيف ومعناها الراقي العفيف، وهدفها السامي.. أشاهده وأتذكر مقالا لأحد الأساتذة حول الأدب الإسلامي وضرورة وجود شخصيات بطولية ذات قيم تنافس ما يأتي به الغرب بغرض التثقيف والتعليم، وأذكر تلميح الكاتب لروايات "رجل المستحيل" التي تعلقت بها في صغري واستفدت من مدرسة د.نبيل فاروق.. هنالك تعلمت ما هو الوطن وما هي المبادئ الراسخة.. كم دار في بالي حديث مطول حول سمات الأدب المنشود ومدى إمكانية تحققه بالطريقة المأمولة من الكاتب، كم راجعت تفاصيل تلك القصص راصدة سلبيات وإيجابيات وجوانب وفوائد ووو..الكثير مما كنت أود قوله!


 

الخميس، 22 ديسمبر 2011

وأجابني5: ما الدعاء الذين تحبون ترديده دائما؟

ما الدعاء الذي تحبون ترديده دائما؟!
هكذا كان سؤالي هذه المرة، وبسرعة أجابتني (ع): "اللهم اجعل همي الآخرة، اللهم إني أسألك الإخلاص".
 واتفقت إجابة كل من( إ،ن) و(ح) على الدعاء الآتي: "اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" في حين اتفقت إجابة كل من  (ن) و(خ) بقولهما:" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
أما صديقتي العزيزة (إ) فأجبت بثبات :" سيد الاستغفار: اللهم ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".
وردت علي (أ،ج): "اللهم ارحمنا برحمتك، واغفر لنا واكتبنا من عبادك الصالحين" و"اللهم أجرنا من النار"، بيمنا ردت علي (هـ، ب):الدعاء الذي أحب ترديده "اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني"، وأجابتني صديقتي الغالية (هـ،ن): "أكثر دعاء أردده: اللهم وفقني لما تحب وترضى".
 ومن ذكريات الطفولة البعيدة قالت لي رفيقة الصبا (ن،س) أن دعاءها هو: "اللهم إني أسألك علما نافعا، ولسانا صادقا، وعملا صالحا متقبلا، ورزقا حلالا طيبا"، وكان ردُّ (و،ح): "اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت".
 وممن أجابني (خ، م) بدعائها: "اللهم اغفر لي ولوالدي ولمن اتبعك من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات. اللهم عافني واعفُ عني"، واستفدت (ب،ش) وهي  أخت بمنزلة المعلمة لي ترديدها: "اللهم اجعلني منك حييا، ولك تقيا، وعندك مرضيا".
وبحثت على لساني فوجدت أدعيتي بينهم، لكنما وجدت نفس أردد بقوة في الأشهر الماضية: "اللهم وفقه لما تحب وترضى، واغفر له، وأبدله خيرا"..
أنت يا زائري... ما أحب دعاء إلى قلبك النقي..؟



الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

!!

...

-         ... وسألت أستاذي عن سر تلك الهمزة المكتوبة دائما في الأماكن الحكومية والرسمية في كلمتي (إدفع وإسحب)؟ لدرجة مزعجة وأنت تعلم أنهما فعلا أمر من أصل ثلاثي!!، وعن سر شغف المستشفيات والدوائر الحكومية بكتابة (إنتظار الرجال، إنتظار النساء) للإشارة لصالة الانتظار؟؟ فأجابني:
كل ما ذكرته همزته همزة وصل وما كتب بهمزة القطع خطأ صريح، ولا مسوغ له
لا تتحول همزة الوصل إلى قطع إلا في الشعر وفي نداء لفظ الجلالة وكلمة البتة في "ما فعلته ألبتة" والأمر جائز في هذين، أما الأعلام نحو: ابتسام ونحوها فالأرجح أنها همزة وصل، هذا عند أكثر النحاة المتقدمين، أما " أل" المعرفة فهمزتها قطع إذا تحولت إلى العلمية.
ولك كل التحية.
المركز الثقافي في جامعتي يكتب على أبوابه: إدفع وإسحب!! لماذا؟ سؤال يراودني..

-         أغمضت عيني ولأول مرة سألت حمامة أحلامي أن تبلغهم كلمات تجتاح خاطري: افتقدكم.. عذرا على ما جرى.. شكرا لطيب أخلاقكم..
هل أبلغتهم حمامتي بذلك.. لم يعد الأمر مهما..

-         سأبحث عن أكبر ممحاة في الكون لأمحوك بها.. مزعج!!

-         وقال العصفور الذي كان واقفا فوق الشجرة:... ( المشكلة أنه واقف منذ 6سنوات ولا أعرف بعدُ ماذا يريد أن يقول!! سأبتكر له شيئا في المستقبل!)

-         "ما زلت أحلم بالزمان الآمن الموعود يحملنا إلى وطن عنيد الحلم مرفوع الجبين" قالها فاروق جويدة.. أنا أيضا أحلم مثله..!

-         بعد نقاش طويل وعميق مع صديقتي (ب) اتفقنا أخيرا على ضرورة تأسيس حزب نسائي ضد الرجال على أن أترأسه!! يا أحلام العصافير المقهورة!

-         وهي تزدان بمعطفها الأبيض سألتني: هل تراودك أفكار سوداوية؟؟؟؟ وفي غمرة تعجبي من السؤال أدركت أن أحدنا مجنون لكن بالتأكيد لست أنا!! أين إيمان المرء إذا كانت تراوده أفكار كالانتحار؟!

-         موقف طريف حدث لي وأنا أجول في المكتبة الشرائية بالجامعة الأسبوع الماضي، اقتنيتُ مجلة العربي فإذا بالمسؤول عنها وهو هندي الجنسية يحاسبني سائلا: إنت خلاص جامعة؟ قلت له: نعم. قال: آه عشان كاك أنا ما في شوف!!.. كنت أن أنفجر ضحكا، المسكين آذيناه أربع سنوات يرانا كل يوم تقريبا نقتني أوراقا وأقلاما وأشياء عجيبة لمجموعتنا يكتب فواتيرها دوما.. ومجلة العربي والسؤال عن العربي الصغير.. يبدو أنه حفظ أشكالنا لدرجة الافتقاد!!..

-         في فكري أنسج قصة عن الأميرة ريا.. أنسجها لغة وإثارة وألعابا وأصالة.. ترى هل سينجح هذا المزيج مثلما أريده؟ كم أنا شغوفة بحلم عظيم أنتجه في مجال أدب الطفل!.. في2012م يُعنى وطني بفاعليات الطفل، وسنرى مكتبة الطفل العامة تفتح أبوابها الملونة.. كم أود أن يسطر قلمي صفحة لا ينساها الزمن في هذا المجال..

-         أنا بطلة لن أنهار.. لن أحبط.. لن..

-          وقالت لي الأرض لما تساءلت: يا أم هل تكرهين البشر؟ أبارك في الناس أهل الطموح وألعن من لا يستلذ الخطر... الشابي دائما بكلماته تلك يجعلني أفكر في فلسفة الحياة.. هل تكرهين البشر؟؟ هل تكرهين البشر؟؟

 

الأحد، 18 ديسمبر 2011

وطني

"وطني.."
وطني هنا.. في خافقي ..
حباً سكن..
وطني أنا..
من مثله في الكون من؟
وطني عزيزٌ تربهُ..
وطني أصيلٌ شعبهُ..
وطني عظيمٌ شأنه..
من مثلهُ في الكون من؟
وطني علا..
بين الملا..
ما هزه فيض المحن..
قهر العدا لما بدا..
جيش الفتن..
من عهد مالك شيدا..
وطناً عزيزاً سيدا..
من زارهُ يوماً أمن..
وطني سما..
 بلغ المنى..
نجماً تألق ما سكن..
وطني نما..
سلماً بنا..
كالطير غرد في الفنن..
وطني غني روضهُ..
وطني جميل فيهُ..
 وطني ثريٌ إرثهُ..
من مثله في الكون من؟
وطني هنا في خافقي حباً سكن..
هل زرت مسقط تاجه..
أو زرت أرض جنوبه..
في جوهِ..
في برهِ..
في بحرهِ..
سحرٌ مكن..
وطني أنا..
لم ينحنِ ..
لم ينثنِ..
كلا ولا بالعزم ضن..
وطني عريق مجده..
وطني كريم فعله..
وطني بديع فنه..
من مثله في الكون من؟
وطني شدا..
لحن العلا..
لحناً تجاوز كل فن..
وطني سعى..
نحو السنا..
سعياً صدوقاً ما وهن..
وطني نشيدٌ للمعالي قد غدا..
نشر السلام له شعاراً يفتدي..
جعل العلوم له وساما يرتدى..
وبه تجارى والزمن..
وطني أنا..
وطن الإبا..
هل أرتضي بدلاً له..
كلا.. ولن..
وطني هنا في خافقي حباً سكن
وطني أنا من مثله في الكون من؟

عيون مغمضة

(عيون مغمضة)
أخذت عيناه تراقب أطفال الحارة وهم يتقاذفون الكرة فيما بينهم، واعترته رغبة عارمة في  اللعب معهم، وللحظة كادت قدماه أن تستجيب لرغبته تلك لولا أن عينه وقعت على كيس صغير تعلق بيده  كان عليه أن يوصله إلى بيت الجيران.
أغمض عينيه بحزن استمر لدقائق، وانتابه شعور بالعجز تمنى لو يستطيع أن يكسره... وفجأة اندفع نحو الكرة بسرعة كبيرة واختطفها من بين أقدام اللاعبين الذين تفاجئوا بوجوده بينهم ، استطاع أن يتجاوز ثلاثة منهم بسهولة، فسرت روح التحدي فيهم واندفعوا يحاولون استرداد الكرة وصرخاتهم تعلو كل واحد منهم يطالب رفيقه بمنع وصول الكرة إلى المرمى، تكاتف الفريقان ضده وكان هو فريقًا لوحده..
المرمى قريب جدًا.. أحس بذلك رغم أنه صبّ تركيزه على الكرة التي تهافتت أقدام اللاعبين عليها في محاولة لظفر بها، وبحركة مهارة استطاع أن يفلت من مدافع خشن، ثم دفع الكرة  بخفة لتعبر من بين أقدام لاعب آخر، فقفز عاليًا ليتفادى زحلقة لاعب أوشك على أن يسلب منه بالكرة... تطاير الغبار من حوله لحظةَ لامست قدمه سطح الملعب.. هو الآن يرى المرمى بوضوح.. يحس بالآخرين من خلفه وقد اختنقت أنفاسهم دون أن يدركوه.. كم هو بارع! .. ارتفعت قدمه اليسرى بسرعة ونزلت بقوة.. تسديدة دقيقة  أذهلت حارس المرمى فلم يستطع  التحرك  لصدها.. شعر بنشوة عارمة وعيناه تراقب الكرة التي تاقت لمعانقة شباك المرمى.. سجل هد..
و..
تنبه من تخيلاته إثر نسيم بارد.. كان يقف على مبعدة من الملعب وفي يده ذلك الكيس الصغير، أدرك أنه لن يكون في يوم من الأيام لاعبّا بينهم.. أبعد ناظريه بصعوبة واستدار متجهًا نحو مقصده.. وصرخات أطفال الحارة الصاخبة تلاحق أحلامه الصغيرة التي حطمتها علّةٌ في قدمه اليسرى..
جر قدمه  محاولاً  السير بسرعة، رغب في العودة إلى البيت والاختباء بين أرجائه.. لماذا لا يستطيع أن يكون مثلهم؟
اختنقت العبرة في مقلتيه.. لن يبكي..لن...
مسح دمعته الحارة، وجرت في خياله صورة والده وهو يقدم له كرة جميلة ليلعب بها لوحده، كرة لا يشاركه فيها الآخرون.. ترى هل أحضرها والده اليوم؟؟ وعده بها منذ أكثر من أسبوع ولم ترها عينه بعد!
عاد من الطريق نفسها  يسحب قدمه ويحاول تجاهل صخب اللاعبين.. دخل منزله وقلبه يخفق بشدة، لا بد أن والده عاد.. لابد أنه أحضر الكرة..لكن لماذا يسود البيت صمت ثقيل؟..هل نسـ.. ..لا لا .. ربما أخفاها حتى يفاجئه بها..
بحثت عيناه في أرجاء بيتهم المتهالك.. أمه تقف في المطبخ الضيق ووالده يشاهد نشرة الأخبار .. إخوته متفرقون كل مستغرق في شغله.. دخل خلسة لغرفة أبيه.. لا شيء.. لغرف إخوته .. لا شيء.. لغرفة المعيشة لا شيء.. أين هي؟؟
دنا من والده واستغرق دقيقة كاملة ليستجمع كلماته.. سأله بخفوت ودقات قلبه تعلو: أبي هل أحضرت لي الكرة؟؟
عقد والده حاجبيه وضرب بيده على جبهته قبل أن يجيب: لقد نسيتها مرة أخرى..
أدرك أن والده  لن يشتريها له أبدًا.. هو فقط يراوغه حتى يسأم منها..  لماذا لا يهتم لأمره ؟
انسحب ودمعة تترقرق في عينه.. عاد  إلى الحارة وجعل يرمق أطفال الحي بحسرة قاتلة من خلف جدار كاد أن ينقض.. غرق في صمت طويل..
ثم أغمض عينيه.. ولاحت على شفتيه بسمة خفيفة، هاهو أمام المرمى يسدد كرة قوية بقدمه اليسرى..و..
هدف...