الجمعة، 13 أبريل 2012

لماذا لم يأكل القط العصفور؟1

قصة قصيرة..

ذات صباح حط عصفور صغير فوق بيذامة تقف في ساحة منزل صغير، أخذ العصفور يغرد بصوت جميل، سكنت له الشجرة وتمايلت معه  الأزهار والرياحين المجاورة لها، غرد العصفور بسعادة.. غير أن القط الذي يقطن في المنزل نفسه، انزعج بشدة من صوته!
فخرج إليه صارخا: كف عن هذا التغريد المزعج..
صمت العصفور مبهوتا، هل يوجد أحد ينزعج من صوت العصافير الشجية؟!
غضبت شجرة البيذام من جراءة القط وسوء تصرفه، قالت له بشدة: نحن نحب الاستماع لتغريده، بإمكانك البحث عن مكان آخر لا يصل فيه لسمعك تغريده.. هيا ابتعد من هنا..
 تفاجأ القط من موقف البيذامة التي اعتاد هو أن يقف على غصنها، وصرخ غاضبا: لن أذهب لأي مكان آخر، ثم أني اعتدت الجلوس على غصنك والنوم عليه، ولن أسمح له بالاستياء عليه..
وقفز بقوة محاولا الصعود على شجرة البيذام ليفتك بالعصفور الصغير، لكن شجرة البيذام دفعته بشدة ليسقط على الأرض محذرة إياه من محاولته للإمساك بالعصفور، قالت له أن الأغصان أغصانها وهي من تقرر من يمكث فيها.. ثم دعت العصفور ليستمر في تغريداته..
انزعج القط وشعر بالغضب لسماعه صوت العصفور، وفكر في نفسه أنه لو استطاع الصعود فقط على البيذامة لفتك بالعصفور وأكله، ولكن هيهات لن تدعه البيذامة ولو غافلها! سار قليلا وهو يراقب بغيظ استمتاع الزهور والرياحين بصوت العصفور الذي أخذ يغني عن الصداقة والتضحية، وعن الوطن والغربة، وعن الحياة الجميلة المليئة بفرص السعادة والسرور..
زاد غيظ القط، فقرر أن يمنع وصول صوت العصفور لأذنيه بالغناء بصوت عال، وجعل يموء وهو يتحرك يمنة ويسرة مدعيا الاستمتاع ومتجاهلا لإفساده الجو اللطيف الذي تعيشه البيذامة و والشجيرات المجاورة لها..
" ميو ميو ميو ميو.. لا لا لا لاه.. ميو ميو ميــ..." وبتر غناءه متأوها حين قذفته البيذامة بإحدى ثمارها، وهي تزجره قائلة: صوتك مزعج جدا.. توقف عن الغناء.. إنك لا تجيده أبدا.. كم أنت قط أناني ومزعج.. ابتعد من هنا.. ابتعد..
كانت الضربة مؤلمة جعلت القط يهتف: لا يوجد مكان آخر أذهب إليه.. دائما أقضي يومي هنا.. ومثلما هو يغني من حقي أنا أيضا أن أغني..
لم تكترث البيذامة والشجيرات والأزهار والرياحين به، أعرضن عنه وطلبن من العصفور أن يغني أغنية عن الطفولة البريئة..فاستجاب لهن العصفور وهو يضحك من القط الذي زاد غيظه..
انطلق العصفور يغني بمرح وسعادة، وانزوى القط يحاول إيجاد طريقة لإسكاته، وبينما هو كذلك خرجت طفلة صاحب المنزل..كانت قد بدأت لتوها تعلم السير، أخذها غناء العصفور، فوقفت تنظر إليه وتتمايل بفرح مع ألحانه، تضحك تارة بسعادة، وتنصت تارة باستمتاع.. شعر القط بالخوف لدى رؤيتها، هذه الطفلة لا تكف عن مطاردته وشده من ذيله كلما رأته، حاول مرة ردعها بأظافره فذاق المرَّ من والديها، لذا كان حتما عليه أن يخضع لمطارداتها  كأي قط مهذب لكي لا يجد نفسه في الشارع، وهو القط الكسول الذي اعتاد أن يحصل على طعامه من أصحاب المنزل.. لكنها لم تكترث لوجوده.. لم تنتبه حتى.. أخذتها تغاريد العصفور لعالم آخر..
فرح القط، بما أن العصفور موجود لن يتعرض لألم الشد والضرب.. لا بأس إذن بتغريداته، سيحاول احتمالها ما دامت تجنبه الأذى اليومي! تكوم على نفسه وقد تخلى عن فكرة الفتك بالعصفور وأكله.

ليست هناك تعليقات: