الخطاط مسعود خالد:
أحلم بمسابقة دولية للخط العربي تفوق مسابقة تركيا شهرة وسمعة
عشت في "الفيس بوك" جوا فنيا أوسع مما عشته أثناء دراستي
الحركة الخطية في الوطن العربي في تحسن ملحوظ
أجرت الحوار:حروف عربية

بداية ذكريات وأحلام
حدثنا الخطاط مسعود عن بداياته بلغة الفنان الحالمة قائلا"بداياتي ربما بدأت مع الرسم في الابتدائية حيث أذكر أننا (أنا وصديقي) كنا في المدرسة الابتدائية في الصف السادس تحديدًا، فطلبوا منا أن نشارك في مسابقة الرسم للمدارس الابتدائية على مستوى المحافظة، ويبدو أننا فزنا بتلك المسابقة عندما كرمونا في وسط الساحة عند تحية العلم, أما الخط فلا أعرف، كثيرًا ما أحاول أن أتذكر بداية فلا أصل إلى نقطة معينة، ولكن كان لأبي الدور الأبرز في اشتعال فتيل الخط لدي، فقد كان يخط حسب إمكانياته المتواضعة بأقلام "الماجك" العريضة الخاصة بالخط وكنت عندها أظنه خطاطا لا يسبقه أحد وكنت أقلده!"
ويعود بذاكرته للحظات البداية الحقيقية فيستطرد "البداية الحقيقية مع الخط كانت بشكل رسمي عند دخولي في دورة للخط العربي في الموصل بمدرسة الزهراء سنة 1991، وكان يدرسنا نخبة رائعة من أقوى الخطاطين. وحزت على المركز الأول من بين الطلبة ولن أنسى حلاوة تكريمي من وسط هذا الحشد الهائل من الطلبة الذين ملئوا الصفوف بأكملها، وكذلك الأساتذة النخبة بعد أن نادوا على اسمي في ساحة المدرسة بعد نهاية الدورة لأتقدم واضعًا يدي في يد شيخ الخطاطين والباحثين وأبو الخط في الموصل الأستاذ القدير يوسف ذنون الموصلي، لاستلام جائزة التميز والتفوق في الدورة على أقراني، وهذه كانت الشرارة لانطلاقتي، ثم بدأت بالدراسة ـ وهي المرحلة الأطول والأهم في حياتي - على يد الأستاذ الفاضل صاحب الفضل الأكبر بعد فضل الله علي، الأب الروحي الأستاذ عباس حسين إلياس الطائي، حيث بدأت بدرسين أو ثلاثة في الرقعة ومن ثم حولني إلى الديواني مباشرة، وتخللت فترة دراستي على يده جميع الخطوط حتى عام 2001 فترات انقطاع واسعة المدى وعودات مركزة وقصيرة حتى انتهيت من دراستها على يده المباركة"

بين المهنة والفن
يعمل الخطاط مسعود مساحًا وهو حاليا رئيس لقسم الهندسة في مديرية الأوقاف والشؤون الدينية في قضاء عقرة، كما مارس مهنة الصياغة لمدة ست سنوات على يد عمه، فضلا عن شغفه بمجال المشاريع وإدارة الأعمال، وعن أثر هذه المهن في فنه يقول "جعلتني أنظر إلى الفن بزوايا خاصة هندسية وخطوط وهمية، فنظرتي للأشياء من حولي كلها زوايا فنية تخيلية بخطوط وهمية وربما هندسية.. شعور رائع جدا عندما أنظر إلى الأشياء فأرى نهايات مستحيلاتها يتألق بريق مستقبلها في عيني، فكلها مهارات مكتسبة وهي مكملات أو بالأحرى مطورات لزميلاتها وخاصة فن الخط, فالصياغة تحتاج إلى ذوق فني في ابتكار فصالات مستحدثة من القلائد والأسورة والأقراط وغيرها, أما المساحة فهي هندسة إحداثيات وتضليع وتجسيم, والآن إدارة المشاريع تجعلني أفكر في تنظيم مشاريع فنية على مستوى عال من الرقي من فتح (جاليريات)، وتنظيم مسابقات وتطوير الرؤية الفنية لدى المجتمع، واستخدام الحس الفني في جميع مجالات الحياة، وإدخال التصميم واللون لترقية الذوق الفني مما يؤدي إلى تطوير التعامل الإنساني بين المجتمع البشري إلى الإنسانية في كل مناحي الحياة".
لحظة تأثر
يسرد الخطاط مسعود علينا لحظة أثرت في مسيرته ودفعته للاستمرار قائلا: "لقطة في حياتي لن أنساها أبدا وأبكتني عندها، عندما زرت أستاذي في محله (قاعة الفضل) في زيارة عادية حميمية، فانهال علي يعاتبني على انقطاعي هذه الفترة، وكيف أني زرته دون إحضار شيء من كتاباتي، ولحظة خروجي من المحل أمام الباب ناداني باسمي وقال بأسف: (أنت لا تعرف قيمة فنك) إشارة إلى عدم معرفتي لقيمة ما امتلك من موهبة وإمكانيات، وهذه اللحظة التي هي عبارة عن كلمات نقلتني من الكسل إلى الجد، فبدأت من حيث توقفت من جديد وحتى الآن كلما أتذكر هذه الكلمات أشعر بتعبئة معنوية عالية".
عودة وتكنولوجيا
بعد فترة انقطاع عن ممارسة فن الخط العربي برره الخطاط مسعود بأنه شيء من الكسل ومزاج الفنان ومتقلبات ظروف العراق، عاد إليه متمثلا بقول الشاعر"وما الحب إلا للحبيب الأول!"، مستغلا معرفته بالتكنولوجيا وبرامج الحاسوب خاصة الفيس بوك والفوتوشوب لتطوير إبداعه "بمعونة الفيس بوك أعادني الحنين تمامًا إلى جو الفن، فقبل أشهر قبل أن أدخل إلى "الفيس بوك" كنت أحيانا أتذكر بأني درست عن الخط وكنت أُسمَّى خطاطًا، ولكن بعد أن دخلت إلى "الفيس بوك" عشت جوًا فنيًّا أوسع مما كنت أعيشه ربما أثناء دراستي للخط، لذا لا يفوتني أن اشكر كائنًا من كان لإنشاء هذا الموقع الذي غير حياتي. أما "الفوتوشوب" فأعرف ما يكفيني لأنجز به بعض الأعمال التجارية، ودراسة بعض الأعمال الفنية من حيث التصميم والتركيب قبل التنفيذ، وهي من أهم وسائل التسهيل على الخطاط وترجمة رؤاه بأسلوب سهل ووقت أقل. كما أطمح لتطوير مهاراتي في بقية برامج التصميم بدخول دورات متخصصة من أجل أن أستفيد منها في فني" .
مسابقات وتقصير
أما على صعيد المسابقات والمعارض التي شارك فيها فيقول بأسف "لم أعطِ ذلك الاهتمام لهكذا نشاطات وهذا من أشد الأخطاء لدي، ففي المسابقات الثلاث الدولية التي شاركت بها في تركيا، لاحظت مدى تحسن أفكاري وأدائي رغم أن المشاركات جميعها بدأت بها قبل أسبوع أو أسبوعين من آخر موعد لتسليم اللوحات، يعني مجرد مشاركات لا ترقى إلى مستوى المنافسة! وكنت قد شاركت في بعض معارض الجمعية والنشاط المدرسي ومسابقة للنشاط أحرزت المرتبة الثالثة فيها على مستوى محافظة الموصل".

الشباب والمدرسة التركية
حول تفضيل الشباب لفن المدرسة التركية أبدى الخطاط مسعود رأيه "رأيي أن الفن لا حدود له, والاتباع للأفضل، وحقيقة المدرسة التركية عريقة بفنونها، ولكن الحركة الخطية في الوطن العربي في تحسن ملحوظ وهذا يبعث الأمل فينا كخطاطين" .
بين الخط العربي والفن التشكيلي والديكور
سألناه عن رأيه حول القواسم المشتركة بين الخط العربي والفن التشكيلي والديكور فأجابنا "كلمتا (الفن) و(الخط) مشتركة بين هذه الفنون الثلاثة، أعني بذلك أن فن الخط العربي قبل أن يصبح واضح المعالم ويطلق اسم الخط العربي عليه يتكون من خطوط أفقية وعمودية وقطرية ودائرية بجميع الاتجاهات، كما هو الحال في فن الرسم أيضا يتكون من تلك الخطوط، وكذلك الديكور غير أن آلية رسم هذه الخطوط تختلف ففي الخط العربي يعبر عنها بأقلام القصب (البوصة) وفي الرسم بالفرشاة والسكين، أما في الديكور فبالخامات المستخدمة في هذا المجال، فتلاقي وتقاطع وانحناءات واستقامات الخطوط تجعل الإنسان يعيش جو التعبير عن المضمون، وحتى في حياتنا اليومية يحكمنا الخط في جميع مساراتنا فذهابنا في مشاوير قصيرة أو طويلة يحتاج منا ثوان لوضع خط في خيالنا نسير عليه لوصول الهدف زمانيًّا كان أو مكانيا"
عبارات وانتقاء

كلمة ونصيحة
سألناه عن كلمة أخيرة يود أن يختم بها حوارنا، فقال "لدي كلمتان ونصيحة! الأولى: أتمنى من المجتمع العربي والإسلامي الاهتمام أكثر بهذا الفن والحفاظ على تراثنا الإسلامي فالكثيرون من الغرب يحسدوننا على امتلاكنا لهذا الفن. ونحن أولى بالاحتفاظ به والتشجيع على تطويره. والثانية: كلمة شكر أتقدم بها إلى ربي أولا على ما تفضل به علي, ومن ثم إلى والدي اللذين تفهما موهبتي وأعاناني بما يكفي لكي أقف على قدمي، وكلمة شكر كبيرة أتقدم بها إلى من أدين له أسرار هذا الفن إضافة إلى دعمه لي وتشجيعي حتى يومنا هذا دون مقابل الأستاذ الفاضل عباس الطائي.
أما نصيحتي لكل خطاط مبتدئ الصبر والصبر والصبر، وثم التركيز يعقبها التمرين، وعند الدولة التواضع".
من لوحات الخطاط مسعود خالد

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق