الجمعة، 2 ديسمبر 2011

في سبيل القدس

في سبيل القدس
إذا ما غابت الإجابة عن أذهاننا للحظات، قال أستاذي وهو يحثنا: قولوا أي شيء.. أي إجابة في سبيل القدس!..
لم يكن أستاذي ليعلم أن كلمته تلك دفعتني للتفكير في معنى حياتي بأسرها، أو لعله كان يرنو لذلك... لعله كان يهدف من ترديد هذه العبارة الوجيزة لفت انتباهنا إلى أهمية أن يكون لحياتنا.. لنجاحنا وإخفاقنا.. لعلمنا وعملنا قيمة نستشعرها في كل فعل نقدم عليه أو نحجم عنه، وفي كل حرف نكتبه أو نمحوه، لعله كان يقول لنا أن بإمكاننا أن نحرر القدس لو أخلصنا في أعمالنا فقط، لو وجهنا كل طاقاتنا ومهاراتنا ورغباتنا من أجلها، لو استحضرنا دائما في كل عمل نقوم به صورة القدس المحتلة، فتندفع مشاعرنا للعمل بإتقان وهمة لأجل أن نثبت أنَّا لم ولن ننساها، لعله كان يقول لنا بقلب صادق اجعلوا نيتكم في كل لحظة من حياتكم  عملا مخلصًا في سبيل القدس!
لعله كان يقول لنا ذلك، أو لعل هذا ما فهمته منه أو ما أردت أن أفهمه منه، فكان هذا ـ مهما بدا للبعض ساذجاـ شعارا في حياتي وغاية من غايتي.. فمن كانت القدس في قلبه لن تفتر همته ولن تلين عزيمته، وسيسعى دائما لاستغلال وقته ومقدرته للنماء والبناء في كل ما يستطيع بلوغه وما يقع بين يديه، آخذا بيد من حوله من رفاقه وصحبه...
قد يبدو الأمر غريبا للبعض وقد ينظر إليه الآخرون باستخفاف، فتحرير القدس يرتبط دائما بالجهاد بالسلاح، وبالساسة والعلاقات الدولية والمعاهدات، ولعل وقوفنا أمام ذلك الكم الهائل من الأوراق والكلمات التي تتلى بكرة وأصيلا في نشرات الأخبار، ما يحول دون عودة القدس لأهلها! لماذا لا نغير نظرتنا للأمور ونصلح من ذواتنا ونرتقي بفكرنا وأفعالنا، إيمانا منا أن حال القدس لن يتغير ما لم نغير من حالنا ونفوسنا، فنسلك بها طريق الجدة والاجتهاد ونبتعد عن التقاعس وإهدار الوقت والطاقات التي حبانا بها الله تعالى..
قد يسألني سائل: وكيف ستتحرر القدس بهذه النية فقط؟ بل ما الذي سيتغير إن غدوت ذلك الشخص الذي ترسمين ملامحه المجتهدة الجادة؟.. أقول لك تصور أنك تحيا من أجل القدس وفلان كذلك.. وفلان وفلان وفلان.. جميعهم يعملون والقدس في أذهانهم ويبدعون لأجلها وينصحون لأجلها ويتعبون لأجلها، فتجتمع هذه النيات ويتلقاها ربي بالقبول فتصلح الأمة بهمة شبابها وعلمهم ومهاراتهم.. تراه على المدى البعيد ألن تكون القدس لنا، لأننا جعلنا نعمر أوطاننا ونرتقي بأهلنا ونوجه طاقاتنا في كل وجهة مفيدة؟!!
ما أجمل أن نتعلم من أجل القدس! وما ألذ أن نعمل لأجل القدس! ما أرقى أن نربي أطفالنا من أجل القدس! وما أطيب أن نسعى دائما من أجل القدس! وأن نترك أفكارنا الساذجة التي لا تبتعد طموحاتها عن العمل من أجل الذات فقط، فالحياة الحقيقية أن نعمل من أجل الآخرين.. وكم ستغدو الحياة جنة لو عملنا في سبيل القدس!
شكرا أستاذي الرائع لأنك هذبت فكرنا بكلماتك الطيبة، شكرا لك لأنك علمتنا كيف نحيا من أجل القدس وفي سبيل القدس!

ليست هناك تعليقات: