الخميس، 23 فبراير 2012

الآن أتذكر


الآن أتذكر .. كيف كنا صغارًا؟ ما رأينا؟ ما سمعنا؟ ما قرأنا؟ فأعلم الفرق بيني وبين طفل اليوم تشغله ملاهيه.. وألعاب تحتويه.. وقراءة لا تدانيه.. وأناشيد تغنيه!!


ثمة مقاطع من الأمس البعيد تحضرني، مقاطع نشأنا بين أكنافها، وكبرنا على ملامحها وصوتها، عندما كن صغارا كنا نستمع لأناشيد ما زال صداها في آذاننا، رنين كلماتها تعزز مبادئنا.. تعلمنا أن لنا رسالة في الكون، وغاية لابد نبلغها ولو بعد حين..

ملحمة الشيشان..

شيشان يا أرض الأسود تجلدي.. فالنصر يستجدى من الرحمنِ

حسبوا اقتحامك نزهة لجيوشهم.. كلا فتلك عرائن الشجعانِ

كلمات تعلقت بأذهاننا، وسكنت قضيتها وجداننا... وهنالك أيضا ثكلت جروزني..

جروزني كلما سكنت جراح كنت سكينا.. تعيد اليأس للباغين تنكأ جرح صهيونا

وصدقا حين نخاطب القلم:

من أين تبدأ هذا البوح يا قلم.. بل كيف تصمت والأحداث تزدحمُ

هذا النزيف على جنبيك منبثق.. وفي فؤادك من فرط الأسى ألمُ

اكتب فأنت يد التاريخ ما فتئت.. محابر أو تبقى في الوريد دمُ

وكم يتردد في ذهني لحن صارخ بصمود:

لك أنت لا.. لك أنت لا.. لك أنت لا للغاصبين ثراء مبسمك الجميل

عيون القدس..

لعيون القدس نغني.. لعيون القدس نغني.. لعيووووون القدس نغني..

وينبثق النغم من الأعماق..

بارودتي والروح والأشواق حرى.. يا قدس جئت بها إليك اليوم مهرا..

ودمي خضابك يا عروس

سقيى لتربك والنفوس..

نهر الدموع سينتهي..

فالعزم فينا صار جسرا

أحسب أن جمعا هائلا من أبناء العروبة تربى على هذه الأناشيد، ونما على لحنها الشجي وأدرك مغزاها، وسار في حياته على خطاها.. نشأنا على قضية.. على ماذا نشأ أطفال اليوم؟.. على أية أناشيد عميقة هادفة؟.. عندما أقارن بين عمق الكلمات والمواضيع.. لا مقارنة... ولكم باقي الحديث...
ـ ـ ـ

عندما كنتُ في أعمار أبناء إخوتي، كنت قد أنهيت قراءة العديد من القصص الهادفة المشوقة، سلاسل لا تنسى من مدارس د.نبيل فاروق، ود. أحمد خالد توفيق.. مدارس تعلمنا منها صورة المرء المثالي بغاياته بقتاله ضد الشر ضد اليهود وحلفائهم، وأثرونا بمعلوماتهم عن مختلف الثقافات والآداب..هنا أحكي عن رجل المستحيل.. عن ملف المستقبل، عن كوكتيل 2000 بكل قصصها ودراساتها وبحوثها ومعلوماتها.. ثمن الصداقة بها قصة لا تنسى..

نتحدث عن مبادئ وقيم لا عن أدب التعري والتقليد والــ.. السخف الذي لا تستسيغه فطرة الإنسان من أول سطر.. (الآن أتذكر رواية درسها لنا أستاذنا في الجامعة نموذجا للأدب الحديث.. لكنها ليست من النوع الذي يدرس لطلاب.. لا أعراض الفن.. لكن الفن حتى ولو كان رمزيا لا داعي للتعري فيه.. الحضارة عفة ونما)

المهم..كنت أتحدث عن قصص الطفولة.. عن المغامرون الخمسة والمغامرون الثلاثة، عن ع*2، عن قصص الخيال العلمي، عن قصص د. رفعت إسماعيل الطريفة الثرية بالمعلومات المتحدثة عما وراء الطبيعة، وعن الطبيب الشاب (علاء عبد العظيم) الذي يجاهد لكي يبقى حيا في أدغال أفريقيا كما يقول الغلاف، حيث مقاتلة المرض ومكافحة الفقر .. حين تظهر الإنسانية التي من أبسط ملامحها التعرف على الآخر والاعتراف به ولو كان في قارة الغابات الأفريقية..

عن هذه الكتابات أتحدث وعن غيرها من الكتب والثقافات والألوان التي ملأت حياتنا منذ الصغر فكونا جزءا واسعا من ثقافتنا بل وذاتنا ومبادئنا المتينة المنبثقة من ديننا الحنيف، تقلدناها بطرق جعلتنا لا ننساها..

ماذا يقرأ أطفال اليوم؟ لا يقرؤون !!

ما قضيتهم؟ ألعاب البليستيشن؟ من الصباح للمساء.. حتى أنهم لا يكتبون حتى نتعرف عن ما يفكرون به..حتى قصص الأطفال لا يطلعون عليها، ولديهم ميول لمسلسلات الكرتون الفارغة هذه الأيام!! قتال.. ألعاب غريبة غير منطقية قط.. أو بعيدة عن الأخلاق...

أنا سأظل أردد أناشيدي وأطلب منكم فضلا.. علموا أولادكم أن ثمة وطن ينتظر لا يطلب منا سوى أن نكون أسوياء صالحين.. فقط.. هل هو أمر صعب أن نعلمهم ذلك؟..

ليست هناك تعليقات: