الأربعاء، 30 يناير 2013

العصفورة والغراب



في قصة العصفورة والغراب، كانت العصفورة كريمة النفس، نبيلة في اعتزازها بقيمها. كانت تعيش دائما في أعالي أغصان الشجر! وكان الغراب يزعم أنه نشأ في أرض الحكمة ونهل من خلق  علمائها الأجلاء. لكنه كان يمشي دائما على الأرض!

جاءها يومًا وأخذ يرمي عشها بالحجر تلو الحجر.. حجارة.. حجارة.. أدمتها كثيرا، لكنها التمست له الأعذار، فالطيور معرضة للخطأ! تجاهلته حينًا، نصحته حينًا، حجارة.. حجارة.. حتى أيس وغادر، تمنت له أن يجد حياته السعيدة.. ظنت أن معاناة الحجارة الدامية ستنتهي.. نظرت لعشها وجدته ممتلئا، حملت ثقلها وألقته لتنسى، بيد أن دماء الحجارة تركت آثارها في العش، فغادرته لآخر لتعود لآلامها الخاصة، مضت الشهور وذات يوم كانت تغرد لحنا مثقلا بتكتمات النفس، فتفاجأت بحجر يلقى عليها!

عاد الغراب كان هذه المرة يلحق! جناحاه يعسفان في السماء، أمامها تحدث بمزاعم سماحته ورزانته.. من خلفها نشر تهكمه وسخريته من العصفورة التي خارت قواها للحظة بين طيور الأرض.. طعنة قاتلة لروح العصفورة العزيزة.. نسي الغراب أنانيته المفرطة، نسي حجارته ونسي أيام ضعفه حين أكرمته العصفورة باحترامه..

عاد يتهكم! كلف نفسه عناء البحث عن عشها المقدس ليتهكم.. صدمت العصفورة، أحقًا هذه دناءة الطيور هذا الجنس الراقي من المخلوقات؟ كل همه كان أن يشوه روحها وينزلها من عليائها!
 
علمت العصفورة أنها ستبقى شامخة بنبلها...نسي الغراب أن الدنيا غدارة وأن من لم يتقِ شرَّ الفتن تعود عليه في نفسه وأهله ولو بعد حين..!

القصة طويلة وظريفة، والرمزية فيها جميلة بإسقاطها على البشر.. قد أعرضها إن تسنت الفرصة على مدونتي.. لكنك تكره الغراب وتأمل أن من ضيق على العصفورة كل تلك المدة أن يضيق الله عليه في دنياه وأخراه وقبره أيضًا..

ليست هناك تعليقات: