الأربعاء، 1 أغسطس 2012

بينما ينام العالم..رواية

  • مقال من مجلة العربي عدد يوليو 2012م
  • كان لا بد ان أنشر هذه القراءة هنا.. بودي بشدة أن أقرأ الرواية
 
  • إصدار: مأساة الشعب الفلسطيني في رواية مترجمة إلى 23 لغة
          تزامنًا مع الذكرى الرابعة والستين لنكبة الشعب الفلسطيني، أصدرت دار بلومزبري - مؤسسة قطر للنشر، الطبعة العربية من رواية «Mornings in Jenin»، للروائية الفلسطينية سوزان أبو الهوى، تحت عنوان «بينما ينام العالم».
          تتحدث الرواية التي ترجمت إلى 23 لغة، ويجري إنتاجها حاليًا في فيلم سينمائي، عن رحلة أربعة أجيال من عائلة فلسطينية، كانت تعيش حياة سعيدة هانئة، في زراعة الأرض بالزيتون والتين والعنب والبرتقال، قبل أن يسلبها الاحتلال دقائق حياتها، ويفقدها حياتها المسالمة إلى الأبد، حيث يتم ترحيلهم قسرًا عن قريتهم وأرض أجدادهم إلى مخيم للاجئين في مدينة جنين، لتبدأ مأساة ما زالت أبعادها مستمرة حتى اليوم.
          تُسهب الرواية الفائزة بجائزة Edna Andrade من مؤسسة ليواي Leeway في فيلادلفيا بالولايات المتحدة تقديرًا لمستواها الإبداعي الفريد، في وصف الحياة الفلسطينية بواقعيتها العفوية والبسيطة، دون أن تخلو من رمزية نجدها في ثنايا كل صفحة من صفحاتها، وفي أسلوب يذكرنا بالكاتب والروائي الكبير غسان كنفاني، ذلك أن المؤلفة استوحت فكرة روايتها من رواية كنفاني الشهيرة «عائد إلى حيفا»، التي تتحدث عن طفل فلسطيني عثرت عليه أسرة يهودية في منزل استولت عليه عام 1948 وتولّت تربيته.
          وعلى الرغم من أن شخصيات الرواية متخيلة، فإن أحداثها وشخصياتها التاريخية ليست كذلك. فهي تعتمد على أحداث وإشارات ووقائع شهدتها القضية الفلسطينية، ومنها ثورة عام 1936، ومحاولات إقناع الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان، الذي تولى الحكم بين عامي 1945 و1953، بالاعتراف بدولة يهودية في فلسطين ودعمها، وكيف تغيّر اسم البلاد بعد خروج قوات الاحتلال البريطاني في مايو 1948 من فلسطين إلى دولة الكيان الصهيوني «إسرائيل»، ثم تسوية قوات الاحتلال لعشرات القرى الفلسطينية بالأرض، في محاولة منها لقتل الروح العربية وتغيير ملامح الوطن الأسير. كما تسجل الرواية اغتيال السويدي الكونت فولك برنادوت، وهو الوسيط الدولي الذي عينته الأمم المتحدة لاقتراح حل للصراع، على أيدي إرهابيين يهود في سبتمبر 1948، بعد أن اقترح وضع حدٍ للهجرة اليهودية إلى فلسطين. وتعرج الرواية على محطات مهمة في التاريخ الفلسطيني المعاصر مثل بطولات الفلسطينيين في معركة الكرامة في مارس 1968، والمجازر التي وقعت بحقهم في صبرا وشاتيلا في سبتمبر 1982، ومخيم جنين في أبريل 2002.
          وتعزز مؤلفة الرواية من الروح الإنسانية الفلسطينية، من خلال الاستعانة بأبيات شعرية لامرئ القيس، وتوفيق زياد، ومحمود درويش، إضافة إلى مقتطفات من مؤلفات جبران خليل جبران، والصحفي البريطاني روبرت فيسك، الذي كان شاهدًا على المجازر التي وقعت بحق الفلسطينيين في لبنان وفلسطين، والكاتب والأكاديمي الأمريكي اليهودي نورمان فنكلشتاين، المناصر لحق الفلسطينيين بالعيش في دولة مستقلة.
          تسهب الرواية في وصف مشاعر الفلسطينيين ومدى تعلّقهم بأرضهم وحبهم لوطنهم، ففي حديث بين والد بطلة الرواية، آمال، يقول الوالد عن شجرة الزيتون: «لا أحد يمكنه امتلاك شجرة. يمكنها أن تنتمي إليك، كما يمكنك أن تنتمي إليها. نحن نأتي من أمنا الأرض، نمنحها حبنا وجهدنا، وهي في المقابل تغذينا. وعندما نموت، نعود إلى الأرض. بطريقة ما، الأرض تمتلكنا... فلسطين تمتلكنا ونحن ننتمي إليها». وفي قسم آخر من الرواية تفسير مقنع لاحتفاء الفلسطينيين بشهدائهم: «تعلّم الفلسطينيون أن يحتفلوا بالاستشهاد، فالاستشهاد وحده هو الذي يقدم الحرية. في الموت فقط يصبحون محصنين أمام دولة الكيان الصهيوني. أصبح الاستشهاد هو التحدي النهائي للاحتلال. رسخ فن البقاء لديهم في عقيدتهم «ألا تسمح لهم أبدًا بأن يعلموا أنهم قادرون على إيذائك».
          ومنذ صدور هذه الرواية باللغة الإنجليزية في المملكة المتحدة منذ عامين، وهي مازالت واحدةً من أكثر الكتب مبيعًا، كما لاقت تقديرًا نقديًا كبيرًا في أهم الصحف البريطانية، حيث وصفتها صحيفة «الديلي ميل» بأنها «واحدةٌ من أكثر الكتب الحديثة أهمية، وهي مكتوبة بصدق وشاعرية»، وقالت عنها صحيفة «الإندبندنت» إنها «رواية لا تُنسى»، فيما وصفتها صحيفة «الجارديان» بأنها «رواية حزينة وشجاعة تحكي قصة أمة وشعب من خلال حكايات عائلة عادية تعيش في ظروف استثنائية»، ووصفتها حنان عشراوي، الناشطة السياسية الفلسطينية بأنها «تجربة أدبية فريدة لا ينبغي تفويتها»، أما مايكل بالين، الممثل والرحالة البريطاني، فكتب عنها «رواية تمثل رؤية قوية وإنسانية لما اضطر العديد من الفلسطينيين لاحتماله منذ إنشاء دولة «إسرائيل»، إذ تأخذنا سوزان أبو الهوى عبر الأحداث الدامية المشحونة بالغضب والمليئة بالرقة، لتخلق صورًا لا تُنسى للعالم، حيث تعيش الإنسانية واللاإنسانية، ونكران الذات والأنانية، والحب والكراهية، بعضها بجانب البعض».
          يذكر أن هذه الرواية هي الأولى لسوزان أبو الهوى، التي ولدت لعائلة فلسطينية من لاجئي فلسطين المحتلة عام 1967، وترعرت في فلسطين والكويت والأردن، قبل أن تنتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث عملت بالطب بعد دراستها علوم الطب الحيوي. وفي عام 2001 أسست جمعية «ملاعب لفلسطين» التي تقوم بجمع التبرعات لبناء ملاعب للأطفال في فلسطين بالتعاون مع المؤسسات المحلية والجمعيات الأهلية هناك.
          باختصار «بينما ينام العالم» رواية «نُسجت كلماتها من معاناة كل فلسطيني، عانى قسوة الاحتلال، وتجاهل العالم».
دبي: حسام أبو جبارة

ليست هناك تعليقات: