الاثنين، 16 أبريل 2012

علمتني أمي/ إهداء لأطفال مهرجان الأقصى

"علمتني أمي"
إهداء لأطفال مهرجان الأقصى2012م

سيف طفل نشيط ومرح، يحب الذهاب إلى المدرسة، ويجتهد في أداء واجباته ومراجعة دروسه، مهذب في التعامل مع رفاقه ويحسن التعبير عن نفسه ورغباته. ذات يوم قالت لهم معلمة اللغة العربية: من سيكتب لي أجمل موضوع علمته أمه إياه سيحصل على جائزة كبيرة..
تحمس الطلاب وفرحوا، وسأل سيف المعلمة: جائزة كبيرة جدا.. جائزة بحجم الكون؟!
ضحكت المعلمة وأجابت مازحة: نعم.. كبيرة بحجم الكون.. أو أكبر قليلا..
أخذ كل طفل في الفصل يفكر، ما الأمر المميز الذي تعلمه من أمه ويستحق الحديثُ عنه جائزة كبيرة بحجم الكون، وطفق كل واحد منهم يسأل صديقه: عما ستكتب؟! سؤال حير الجميع، غير أن بعض الأطفال كانوا مرحين جدا كأنهم وجدوا الكنز الذي سيحصلون به على الجائزة الكبيرة، قال أحدهم: سأكتب عن الكعك الذي علمتني أمي صناعته، من منا لا يحب تذوق ألذ الكعكات؟، وقال طفل آخر: سأكتب عن أهم الأخلاق التي علمتني إياها أمي لأغدو محبوبا بين الناس.. من منا لا يحب أن يكون محاطا بالأصدقاء؟..
صديق سيف المقرب قال بحماس وهما عائدين للبيت: متأكد أني سأحصل على الجائزة، هل تعلم عما سأكتب؟.. سأكتب عن أهمية أذكار الصباح والمساء كما علمتني إياها أمي تماما..من منا لا يحب أن يكون موفقا في يومه؟ وهذا سرُّ التوفيق.. أنت عما ستكتب؟..
صمت سيف وهز رأسه بحيرة، ثم أجاب: لا أعلم.. أنا حائر، أرغب بشدة في الحصول على الجائزة لكن لا أعلم ما سأكتب عنه!!
قال صديقه متعجبا: سيف.. هنالك عشرات الأمور التي نتعلمها من أمنا، كيف لا تعرف عما ستكتب!.. سأودعك هنا، وألقاك غدا لأنافسك بشدة على الجائزة الكبيرة..
ودعه سيف رافعا يده بالتحية، وأكمل طريقه إلى منزله وهو يفكر بأكثر الأشياء تميزا ليكتب عنه، دخل إلى بيتهم شارد الذهن، نادته أمه بعد دقائق وهي تتصفح شبكة المعلومات، قالت له: تعال يا سيف أنظر.. ما أجمل رسمات هؤلاء الأطفال..
عندما رأى سيف ما تشاهده أمه، ابتسم بسعادة، لقد وجد الموضوع الذي سيكتب عنه. في اليوم التالي أخذ كل طالب يقرأ موضوعه بحماس، منهم من تحدث عن أهمية الرياضة، منهم من تحدث عن آداب الحديث، منهم من تحدث عن حفظه لسور القرآن، منهم من تحدث عن بر الوالدين، منهم من تحدث عن حبِّ القراءة والمطالعة.. وكان سيف آخر من سيلقي تعبيره، وقد اعتاد الطلاب على تميز سيف وجمال تعبيراته وأسلوب إلقائها بالرغم أنه في مثل عمرهم.. ساد الصمت وركز الجميع متشوقين لسماع موضوع سيف..
قال سيف: علمتني أمي..
ورفع ناظريه لزملائه الطلاب، وأكمل بثبات: علمتني أمي أن أحيا من أجل القدس!
تعجب الطلاب ولم يستوعبوا الموضوع، فاستطرد سيف قائلا: هنالك في القدس أطفال مثلنا يحبون الحياة الآمنة ولا يجدونها، بالأمس احتفلوا بمهرجان طفل الأقصى2012م، اجتمعوا بجوار المسجد الأقصى، ورسموا لوحات العزة والإباء، ولونوها بألوان الأحلام والأماني.. لكل إخوتي الأطفال في القدس، أريد أن أحيا مثلكم حياة باسلة، أريد أن أمد كفي إليكم بالسعادة والسلام، سألت أمي كيف أحقق ذلك؟ أجابتني بحنان: بأن تحيا لأجل القدس.. سألتها: كيف.. ماذا أفعل؟ يؤلمني أن أراهم ينزفون ويبكون عبر الشاشات! قالت أمي: "بإمكانك أن تساعدهم بأن تكون فردا صالحا في هذا المجتمع، ومسلما طامحا خلوقا رحيما، فليكن قلبك معلقا بالقدس، تتعلم لأجلها، تبذل لأجلها، تستغل وقتك في الخير لأجلها، تساعد زملاءك لأجلها، تعمل في المستقبل وتكون أسرة ناجحة لأجلها، عندها سيستجيب ربي لدعواتك الحنونة لإخوانك الأطفال ويفرج عنهم، عندها سيقوى الدين بك وبأمثالك الأبطال، ونذهب جميعا لنحرر القدس".
كان كلام أمي كبيرا علي، لم أفهمه جيدا، لكنني فهمت أن علي أن أحيا بجدية، وأعمل باجتهاد المسلم الذي يطمح في رضى ربه.. وأن أجعل القدس في قلبي.. أن علي أن أعمل بإخلاص في حياتي من أجلها، إخوتي الصغار.. هيا بنا نسخر طاقتنا لأجل القدس..
صفقت المعلمة بقوة محيية سيف، وتبعها الطلاب فرحين.. وكانت الجائزة الكبيرة من نصيب سيف، فقد جمع كل ما تعلمه رفاقه من أمهاتهم من أجل هدف أسمى هو القدس.

ليست هناك تعليقات: